شعرية الرواية أم شاعريتها 

قراءة الرواية متعة كبرى، لكنها لا تكون كذلك دائما، فقد تكون عبئا، يورث الندم على ما أهدرنا من وقت وما ارتكبنا من خطأ في الاختيار، وقد تكون التجربة سارة. حالتان كثيرا ما نصادفهما، ونحن تقرأ نصّا روائيا. قد نقرأ النصّ بنشوة متصلة اتصال الرواية لغة وموضوعا وشخصيات وتقنية ورؤيا. وقد نجد في قراءة الرواية، مشقة واضحة، فنكثر الانسلال منها، كما ...

أكمل القراءة »

رقة الحيوان وقسوة البشر 

أي لحظة حافلة بالغضب أو اليأس أو الوحشة تلك التي دفعت الشاعر الشِنْفَرى، ذلك الصعلوك الجاهليّ، إلى تفضيل الحيوانات على إخوته، واتخاذها أهلاً، بدلاً عنهم، يحفظون سره ولا يخذلونه عند الشدة؟ لا شك في أنها لحظة من الإحساس العالي بالعزلة؛ “ولي دونكم أهْلـون”، لحظة قد تمر بنا أو نمر بها جميعا، وربما جرب مرارتها سوانا. في لحظة كهذه يشعر الإنسان ...

أكمل القراءة »

عن أيامنا الجامعية الأولى 

علي العلاق قبل سنوات طويلة، وفي لحظة جامعية لا أنساها، حدث معي ما سأذكره الآن بفيضٍ من الحنين. سألتُ أستاذ البلاغة، وهو أحد الأساتذة النابهين الذين أحمل لهم قدْرا عاليا من المودّة عن تخلّف البعض من التصورات البلاغية القديمة قياسا باللحظة الشعرية آنذاك. وقرأتُ عليه، أمام الطلبة طبعا، المقطع التالي من شعر أدونيس “وكأنّ النهار- عرباتٌ من الدمعِ- غيّرْ رنينك ...

أكمل القراءة »

حارسة الغياب

ثمة حزن لا يزال حارا وشديد النقاء، ظل يقف بيني وبين لقاء الشاعرة والناقدة الفنية مي مظفر، منذ رحيل زوجها الفنان رافع الناصري وحتى فترة قريبة. سنتان تقريبا وأنا أتهيّب السير في الطرق المؤدية إلى حزنها القاسي. كنتُ أحسّ وأعرف أنها كانت تحرس غيابه الكبير بعينين ذابلتين لا تملكهما إلا زوجة وفية مثلها أو أم مفجوعة مثلها أيضا. حين جلستُ ...

أكمل القراءة »

ملكوت عبدالله

الشاعر لا يحلق، في الغالب، بعيدا عن أعشاشه الأولى، إلا ليعود إليها بلهفة أشد وأقسى. وهو لا يفارق سماءه التي أطلق في رحابها جناحين حرين كالهواء ومترفين كالقطن. إنه الكائن الذي يفنى في محبة المكان حد انتشاره في الأمكنة كلها، حتى تبدو وكأنها جزء حي من ذاته المتوقدة، أو بعض من تشظيات سيرته المشحونة بالمحبة أو الحنين أو الغضب. وها ...

أكمل القراءة »

صباحات خريفية 

صباحات خريفية متعة قصوى، أن تشهد يقظة الصباح الأولى، وهو يهبط من سريره الكوني، لينساب في هواء المدينة الصغيرة طريا، وخفيفا على القلب. يتساقط النوم من أعالي الشجر، ولا تظل الطيور على حالها، بل تلتحق بجوقة الفرح الصباحيّ، تنسلّ من كسل الليل داخلة إلى بدايات النهار الأولى نشيطة فرحة. مشهد يومي صرت حريصا على لقائه كل يوم. غير أن أجمل ...

أكمل القراءة »

الشعر بين العبث والضرورة 

في هذا العالم المحتشد بالجنون والقسوة، هل يظل للشعر مكان ينشط فيه، وغاوون يصغون إليه بشغف أصيل؟ وعندما تشتعل أيامنا بالمحن والكوارث هل يغدو الشعر ترفا، أم ضرورة، أم عبثا لا طائل من ورائه؟ وبمعنى آخر، هل زمن الشعر هو زمن الاستقرار وهناءة البال فقط؟ ويمكننا القول إن أسئلة كهذه تحمل في داخلها الجواب الذي لا مواربة فيه. مع أن ...

أكمل القراءة »

الشعر وطريق الآلهة 

كم كبير هو الشبه بين النهر والقصيدة، فهو شقيقها أو قرينها الجميل. صحيح أنه يقع خارج اللغة، لكنه شريك القصيدة في ما تدخره من جمالية فائقة. فالنهر قصيدة مائية بامتياز. لغة تتموج وتغيم، وتصطفق وتهدأ، في حركة مرفرفة كأجنحة تهم بالنهوض، وناعمة كنوم يخالطه تعب خفيف. ولاشيء كالنيل، يذكرني بالشعر، ويعيدني إليه. ومثلما لا يذكرني أحد بنهر دجلة كما يفعل ...

أكمل القراءة »

الصندوق الأسود للقصيدة 

في ورقة نابهة قدمها الناقد سعد البازعي، في ملتقى القاهرة الشعري، حظي القارىء الضمني بعناية خاصة. ولم يكن حديث البازعي قراءة استعراضية، مهووسة بالمصطلحات ولغة الاختصاص الضيقة، كما لم تكن قراءة تعيد علينا إنتاج ما ردده طويلا نقاد استجابة القارئ مثل آيزر، وياوس، وروبرت هولب وغيرهم. بل كانت كشفا متريثا وشديد الوضوح يتفحص فيه البازعي ضغط اللحظة الرقابية المسلطة على ...

أكمل القراءة »

ما يضيع في الترجمة

ما الذي يجمع بين الشاعر الأميركي روبرت فروست والعربي الموسوعي الجاحظ؟ لا يمكننا البحث عن شبه ما يجمع بينهما في جنس الكتابة التي يمارسانها، أو الفترة التاريخية، أو البيئة الاجتماعية، أو المظهر، أو السيرة الشخصية لأي منهما، أو نمط الحياة التي عاشاها. علينا إذا أن نبحث عما بينهما من شبه في مكان آخر: أعني في تلك النظرة بالغة الرهافة إلى ...

أكمل القراءة »