أعلنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية أسماء الفائزين بجوائز دورتها السادسة عشرة 2018 ـ 2019، حيث فاز الشاعر علي جعفر العلاق، بجائزة الشعر لهذا العام.
وقال الأمين العام:
أن اللجنة منحت الشاعر علي جعفر العلاق جائزة «الشعر» لتميزه وإسهامه المتواصل في تغذية الشعر العربي المعاصر بما هو متجدد في صور بلاغية مدهشة ومخيلة واسعة وصلت ما بين تراثنا الحضاري وواقعنا الثقافي، ولدوره في تعميق الحوار الشعري بين الهويات والثقافات المختلفة، مما أسهم في تطور القصيدة العربية ووقوفها راسخة في صف القيم الكونية من عدل وكرامة وآخاء.
في شعره وفي نقده، يحرص العلاق على البحث عما لا يشبه سواه، فيحفر ملامحه بهدوء حاد وواثق وثابت، دون ضجيج، هدوء الواثق بخطوه، وبما تقدمه جملته الشعرية والنقدية، فهو لا يبحر في الأعيب اللغة من أجل اللعبة ذاتها بل يدرك أن المعنى المتجاوز غاية في حد ذاته، لكنه دائما يحتاج إلى الخلخلة المناسبة لاحتمال لإظهار تجلي المعنى وجمالياته.
وكتب جهاد هديب ذات مقال:
إن قـدرة لغة العلاق وصوره على الإدهاش قدرة فذة قلما يمتلكها شاعر آخر، فهو لا يجلوها ويزيل عنها صدأ الاستعمال حسب، كما يفعل بعض الشعراء، بل يعيد خلقها، أو كأنه يبدأ خلقها أول مرة، فـ(شجرة) العلاق، و(غيومه) و(شمسه) و(مطره)، هي غير ما نعرفه ويعرفه لناس من أشجار وغيوم وشموس وأمطار. إنها كائنات مضمخة بعطرها وألوانها وحياتها الخاصة، ولها توتراتها وشبقها وبكارتها التي لم يُبْـلِها استعمـالُ الآخرين، أو هي مثل قاصرات الطرف لم يطمثهنّ من قبله، إنسٌ ولا جان.. طراد الكبيسي يتبع العلاق حدساً لغوياً يصعب التنبؤ بما سيقترحه. عالم مفرط في استعاراته ومجازاته المحلقة، الشعـر يخدع واللغة تستعمله لتمرير مكرها الجميل. وربما لا أجازف في القول حين أبدو متأكداً من أن العلاق هو الشاعر العراقيّ الوحيد الذي كان يطمح إلى أن يكون شعره موسيقى. هل كان يحلم في أن يكون كاندنسكي الشعر العراقي؟ فاروق يوسف يشق درباً بعيداً عن الراهن الشعريّ العربيّ، بصوت مدرّبٍ على الصمت كما لو أنه واجه البحر ذات يوم صيفيّ رائق، لكن أعماقه تمور بقلق معرفيّ وإنسانيّ شفيف… هذا هـو شعـر علي جعفر العلاق: افسحو الطريق..
ويواشج العلاق بين كتابته النقدية وجملته الشعرية، فها هو يفتح الباب واسعاً في كتابه “الشعر والتلقي” أمام الباحثين للخوض في موضوع (الكاتب – المتلقي)، فالشعر عنده ليس نصاً دون معنى إذ أن القصيدة ليست مغامرة لغوية وخروج عن عاداتها المألوفة، بل هي تنطوي على معنى. كما أن شعرية أية قصيدة لا تقع خارج نصها، بل تكمن في قدرة الشاعر على انتهاك ثوابت القول وعادات التعبير المتعارف عليها.
كما ويؤكد في كتابه “الدلالة المرئية” أن القصيدة مهما غامرت في البحث عن التقنيات، ومهما نوّعت في اجتهاداتها في الأداء تظل جهداً إبداعياً يتجسد في اللغة أولاً، ويسعى من خلال اللغة إلى البرهنة على جدواه وحيويته ثانياً.
ويشير العلاق في كتابه الثالث “في حداثة النص الشعري” إلى أن أهم ما أنجز على مستوى حداثة القصيدة العربية، لا يكمن في خروجها عن إطار البيت أو القافية الواحدة، على أهمية هذا الإنجاز وخطورته، بل يتمثل في أمر آخر هو الجوهر في قضية التجديد في الشعر العربي الحديث، وفي شعر العالم كله عموماً، ويقصد بها هنا: “الرؤيا الحديثة التي تجسد فعل التجديد حقاً”، والتي تشكل في حقيقة الأمر، مسعى يستهدف الشاعر لا القصيدة، أي أنها تعني بتجديد الشاعر أولاً: وعياً، وثقافة، وذائقة، ونظرة إلى الحياة والعالم، قبل أن تعني بتجديد النص..