أرشيف شهر: نوفمبر 2017

مغنية الفرح الحزين 

ينتشلني صوتها من لحظتي الراهنة، وكأنه جوقة من الطيور الثملة، تصعد بي عائدة إلى أول الينابيع، كانت فيروز تلفّ لبنان كله بالمحبة والفرح، وتشد الجبال إلى بعضها بعضا بالرحمة والضباب. كنا ثلاثة: الدكتور نديم نعيمة، والشاعر فؤاد رفقة، وأنا، متجهين عام 1973، إلى قرية بسكنتا، حيث يقيم الأديب الكبير ميخائيل نعيمة. حين وصلنا إلى هناك أحسستُ بقشعريرة من نوعٍ خاص، ...

أكمل القراءة »

ثقافة الموقف وثقافة الذاكرة 

في نقطة بعيدة في الزمان، ربما في أول الصبا، أو في أول أيام التفتح على القراءة تحديدا. علقت في الذاكرة عبارة لا تزال تحتفظ بدلالة فريدة، بالنسبة إليّ، حتى هذه اللحظة. ربما لم أتوقف كثيرا، أو كما ينبغي، أمام تلك العبارة آنذاك. لكنني سرعان ما أدركت أنها عبارة ذات جاذبية، عبارة تصلح للرجوع إليها، أو تصلح مفتاحا لخزين من القراءات ...

أكمل القراءة »

ما أكثر المدن… وما أقـلّها 

قلبُ يألفُ الأمكنة وذاكرةٌ ينهكها الحنين. تصلح هذه العبارة، كما أعتقد، تعريفاً لكل إنسانٍ مرهف، فثمة لحظاتٌ تظلّ مفعمةً بمشاعر فريدةٍ تتعلق بالمدن التي عرفناها، أو زرناها، أو ولدنا فيها أو قريباً منها. سأبدأ من أكثر تلك اللحظات إثارةً للضمير والوجدان. لحظةٌ بعيدةٌ وخاطفة، لكنّ معانيها البليغة ما تزال صالحةٌ للتأمل في حاضرنا الحافل بالموت وضياع المروءات. كان ذلك قبل ...

أكمل القراءة »

دوافع الكتابة الشعرية 

                                                                                        كيف تنبثقالقصيدة، هذه اللحظة اللغوية والنفسية والوجدانية الخاصة؟ وكيف تتشكل في ذلك المتاه السريّ الحافل بالظلمة والنداءات ...

أكمل القراءة »

لا تلتفت وراءك بغضب

ليس من صلةٍ، من أيّ نوع، بين هذا العنوان وصرخة المسرحيّ البريطاني جون أوزبورن في منتصف القرن المنقضي، فالماضي الذي أعنيه هنا هو ميراثنا الشخصيّ الحافل بالألم أو المباهاة، فبعد رحلةٍ حياتيةٍ حافلة بكلّ شيء، لن يكون الخريف صديقاً لدوداً بالضرورة، كما أن ماضينا ليس مدعاةً للهجاء دائماً. إن فيه الكثير مما يستحق التذكّر الشجيّ واللهفة التي لن تهدأ حتى ...

أكمل القراءة »

الشاعر والروائي واللغة 

يبدو لي أن بين الشاعر المحض والروائيّ المحض برزخا كتابيا خالصا، يجعل عبورَ أي منهما إلى مملكة الآخر قضيةً محفوفةً بالصعوبات. وسيكون الأمر أقل تعقيداً ربما إذا كان لهما من القرابة الفنية، أو المشتركات الأسلوبية ما يعينهما على تجاوز هذا الصعيد أو اختراقه، فمن شأن هذا المستوى التقنيّ المشترك أن يتيح لهذه المساحة الفاصلة شفافيةً أكبر، تسمح بالتنافذ والتداخل وتبادل ...

أكمل القراءة »

النقـد وسوء النية

لا أنظر إلى النقد الأدبي نظرة تضعه في خطّ تراتبي أدنى من الإبداع، فالنقد والإبداع في اعتقادي، وقد يخالفني فيه الكثيرون، يشربان كلاهما من النبع ذاته ثم يحلقان، في اللحظة التالية، كلٌّ في اتجاه خاص به، ليصنع كل منهما ما يميزه باعتباره شهادة على العالم أو شهادة على النصوص. ليس النقد كلاما ثانيا على كلام أول، أو تابعا لكلام آخر ...

أكمل القراءة »

موسم الهجرة إلى الرواية 

كنت محظوظا في زيارتي الأخيرة إلى لندن، إذ أدركتُ فيضا من أمطارها الأخيرة، وكنت محظوظا أكثر حين التقيت بأصدقاء عديدين جمعني بهم عذاب الشعر وفرقتنا المنافي سنوات طويلة. كنت في أمسّ الحاجة الى تلك اللقاءات، فهي زاد لا بد منه، تماما كتذكير الأسماك بالماء. وكنا نجتمع مثلما يجتمع البدو على ما “ظلّ من مطر في الغديرْ”. وبعد أن عدتُ من ...

أكمل القراءة »

الشاعر الصوت والشاعر الصدى 

الشاعر الصوت والشاعر الصدى حين يجلس الشاعر إلى قصيدته لحظة الكتابة فلا تتصور أنه وقصيدته وحيدان في هذا الكون العاري، ولا ثالث لهما سوى رائحة الحبر وحيرة الورقة. صحيح أن الشاعر منصرف إلى قصيدته بكلّيّته، في انهماك جسدي حد الذوبان واستغراق ذهني لا يدع شيئا من انتباهه يتسرب خارج هذه اللحظة الراهنة، غير أن الحقيقة في جانبها النفسي واللغوي والثقافي ...

أكمل القراءة »

محمد عفيفي مطر وعذاب الموهبة 

                               في بيته في الأشرفية، وقبل نهاية السهرة، عرف أدونيس أنني سأغادر الى القاهرة بعد يومين أو ثلاثة. أعطاني نسخةً من العدد الجديد لمجلة “مواقف”، ثم وسألني، برقته المعهودة، أن أوصل النسخة الى الشاعر محمد عفيفي مطر، وكان ذلك في عام 1973.. عرفت عفيفي من خلال ...

أكمل القراءة »