قصائدي لا تتشابه .. ولكل منها شخصيتها

   أجرى الحوار: محمد زين العابدين

*ما هى المنابع الأولى التي تشكل من خلالها وجدانك، وما هى الظروف التي جمعتك بعلاقة مع الكتابة؟

 كنتُ ، وأنا في بداية البدايات تماماً، أتلمّـس في نفسي ميلاً غامضاً الى سماع الكلام اللافت للانتباه : كنتُ أحفظ الشعر، وأحبّ سماعه ، وأتعلم القراءة والكتابة، وكان ما يحفظه أبي من الشعر أوالنوادر، أو كلام الأجداد هو خميرة التذوق الأول . كان ذلك الأب ذاته هو أسطورتي الصغيرة الأولى المشوبة بالكثير من الغرابة أوالبعد عن المألوف. كان من النادر تماماً، في تلك القرى الريفية البعيدة وفي مجتمع إقطاعي شديد القسوة، أن تجد فلاحاً بسيطاً يعرف القراءة والكتابة وأشياء أخرى تقع على مقربة منها، وله منزلةٌ كبيرة حتى لدى شيوخ القبائل ومالكي الاقطاعيات الكبيرة .

كان أبي هو ذلك الفلاح . كان يقرأ ويكتب، ويتحدث بوقار، وقلما يضحك بصوت مجلجل . كان ينحدر من سلالة تحظى باحترام خاص في مناطق جنوب العراق . وقد ضمن له ذلك كله مكانة خاصة بين سكنة تلك القرى. تعلمت على يديه القراءة والكتابة، واقتراف الكلام الجميل أحياناً.  وكثيراً ما كنت  أصفه ، حين أتحدث عن تلك الأيام ، بأنه كان أكثر من فلاح وأقلّ من مالك أرض، بالنظر لوضعه الاجتماعي هذا.

وكانت أمي هي الشريك المهم لوالدي في دفعي الى هذا الاتجاه المثير للفضول. كانت تحفظ الشعر العامي ، وتنشده بصوت مؤثر في المناسبات الشجية. وكنت أحرص على سماعها بشغف يدفعني الى البكاء أحياناً. ومن أعظم مآثرها أنها كانت سبباً في إقناع والدي للهجرة من قريتنا في محافظة واسط الى بغداد.

وعلاوة على ذلك، لم يكن مزاج ذلك الطفل، الذي كنته، يتشكل في معزل عما كنت أسمعه في تفاصيل الحياة اليومية من أغاني الأمهات، وأهازيج الفلاحين، وأغانيهم االريفية، وما يصاحب تعبيرهم الجماعيّ عن الفرح من أصوات، وشعر، وحركات مفعمة بالفرح الرجوليّ ومشاعر الحب الخالية من الابتذال .

 – كيف كانت بداياتك ؟

– في بغداد بدأت تتشكل محاولاتي الأولى في قول الشعر. وفي وقت مبكر جداً ، كانت اللهجة العامية هي الإطار الأول لتلك المحاولات، وأنا ما ازال في نهاية الدراسة الإبتدائية وبداية المتوسطة. كتبت بضع قصائد ، ويبدو أن رضاي عنها لم يكن كبيراً إذ غادرت هذه المرحلة سريعاً . وبشجيع من أساتذتي ، بدأت كتابة القصيدة العمودية ، وكنت أسعى، في كتاباتي الأولى، الى قول شيءٍ مختلفٍ عما هو شائعٌ من هذا النمط الشعري. وقد نشرت تلك القصائد أوبعضها على الأقل في مجلات ” العاملون في االنفط” العراقية، و” الشعر” المصرية، و”الأديب” اللبنانية، وبعض الصحف اليومية البغدادية.

*في قصيدتك :”ما الذي يجعل الموت مختلفاً” تقول:”هل أدافعُ عن حلُمٍ؟ أم أفـرُّ إلى الموت منّيَ ، منفلتاً من كوابيسَ داميةٍ \ أو ظلامٍ طويل”. هل قدرُ العراق الجميل أن يبقى في هذه الدوامة من الدماء والكوابيس المظلمة ؟

–  ربما كان قدر العراق والعراقيين أن  يكون هاجس التمرد والقلق والابتكار محكهم الدائم . و كانت بلاد ما بين النهرين، ومنذ التشكل الأول للوعي الإنساني، منذ كلكامش وأنكيدو وعشتار وتموز ، مثاراً للأسئلة المحيرة والمصائر التراجيدية . كان الأدب الرافدينيّ يذهب الى العمق الموجع للأشياء: في مساءلة الطبيعة ، وخلق الأسطورة، والاحتفاء بأبطال الفجيعة، منذ ذلك الزمان الموغل في القدم  وحتى لحظة الهلاك التي يعيشها اليوم  شباب العراق المنتفضون .

ويبدو أيضاً أن  العراقيَّ الأول لم يكن  قنوعاً تماماً، أومتصالحاً مع نفسه أومحيطه على الدوام. ولذلك كانت أساطيره وأدبه وشعره وفكره، عبر التاريخ ، حافلاً بالرفض، والغضب. كان نموذجاً في مواجهة الطغاة، والمتاجرين بالدين، وباعة الوطن.

وها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم  بطريقة كارثية ، لم يشهد لها العالم المعاصر مثيلاً. ثمة جيلٌ نوعيٌّ ، لا يأبه بالموت. جيل فاق الأجيال التي سبقته جسارة ووعياً.  وفي هذه اللحظة الفارقة، يسجل هذا الجيل مفتتح زمن عراقيّ مغاير ، يضع فيـه كل شـيء موضـع المسـاءلة، والرفـض ، والاحتجاج والحوار.

*في قصيدتك”نبيذ الكلام”تقول عن النساء:”هُنّ أخطاءُ آدمَ إذ تتجدّدُ، حتى كأنّ الحماقاتِ ديدنهُ،وكأنّ الندمْ  \ لعبةٌ تتكررُ منذ القِـدمْ”.ماذا عن المرأة في شعرك وحياتك؟

–   المرأة في شعري تتمدد على سرير من الترف اللغويّ، والاحتفاء الذي يكاد أن يرتقي الى التقديس العالي أحياناً. أعني تقديس الأنثى الجديرة بالمحبة المهلكة، والبطولة البيضاء، والغواية الرفيعة . وهذه الأنثى تبدأ ، ربما ، من حضور الأم  مروراً بكل صور المرأة، الملهمة، والشريكة في الوعي والمحبة والعذاب. كانت أمي، كأي أمٍّ مجبولة على العطاء،  والتضحيات التي كانت تتجاوز وعيها البسيط آنذاك، لكنها تنسجم مع  تلقائيتها في الحب ، والصفح الأموميّ، والتضحية التي تقارب الفناء الدنيويّ أوتكاد .

*في قصيدتك(طائرٌ يتعثرُ بالضوء)تقول:(ذي لغتي..شريكتي في ابتكارِ الوهم ِ\ أرهقها بما أحمِّلها من وحشتي) . ما الذي تمثله لك اللغة كشاعر؟

– كانت مجموعتي الأولى: ” لا شيءَ يحدث .. لا أحدَ يجيء” قد بدت للكثيرين، وكأنها تمارين لغوية، لا تضع المعنى في الصدارة من عنايتها دائماً، بل تجنح أحياناً الى الصورة، والتعبير الملتبس، والجملة المفتونة بذاتها ، بعيداً عن تكريس المعنى أوموضوع القصيدة .

 باختصار:  كان اهتمامي باللغة، يتجاوز ربما الكثير من أبناء جيلي. وكانت قصيدتي ، وما تزال، لا تضع اللغة في خدمة موضوع ما . فاللغة الشعرية، ليست خادمة للمعنى حصراً، وليست وسيلة مجردة لإيصاله.  بل هي المعنى الملموس أوالمرئي.

*كيف أستفدت من تكاملية الفنون في شعرك؟

– في الكثير من قصائدي تنفتح النصوص على استثمار الفضاءات البصرية، وما يضفيه تموّجُ النصّ على الورقة، بدوافع جمالية ودلالية، من بعثرةٍ لجسد الكلمة، أوتفاوتٍ لونيّ، وتوظيفٍ لتأكل النصّ أوتناميه، وجدل الكتلة والفراغ ، أوالنثر وقصيدة التفعيلة.

وماذا عن تجربتك في العمل، كمدير للمسارح والفنون الشعبية بالعراق، في فترة منتصف السبعينات؟ 

لم تطل فترة عملي كثيراً في المؤسسة العامة للسينما والمسرح . ولكنني أفدت جداً ، كمدير لهذا القسم وعضو في عدد من اللجان المتخصصة فيها ، من قراءة المصنفات المسرحية، ومن متابعاتي للكثير من التدريبات والعروض الدرامية التي قدمها  كبار المخرجين العراقيين أمثال جاسم العبودي، وابراهيم جلال، وسامي عبد الحميد ، يوسف العاني، وقاسم محمد، وسعدون العبيدي، وعوني كرومي، ومحسن العزاوي وآخرين. وقد ربطتني صداقات طيبة بالكثير من الفنانين الشغوفين بالثقافة المسرحية والإنسانية  شغفاً حقيقياً .

*ماذا تتذكر عن مهرجان المربد الشعري القديم بالعراق عندما كنت عضواً في هيئته العليا؟

– كان المربد الشعري بداية مبشرة بالجمال والانفتاح. شهدنا فيها عودة أصوات شعرية عالية، كانت تضيء وحيدة في المنفى: كالجواهري، بلند الحيدري وسعدي يوسف، صلاح نيازي، سركون بولص، صلاح فائق وآخرين.  كما استمعنا الى معظم الأصوات العربية في الشعر والنقد  والرواية. كان المربد ، خصوصاً في بداياته، حدثاً شعرياً فريداً ، سرعان ما تم استنساخه في عدد من المهرجانات العربية اللاحقة.

لكن ذلك لم يدم طويلاً،  فقد أثقله ، بعد ذلك، ما مر به البلد من ظروف استثنائية شديدة الوطأة، كالتعبئة السياسية في سنوات الحروب والحصار الوحشي على العراق، الأمر الذي أدى ربما الى طغيان المنبرية وشعراء المناسبات والأحداث العامة .

*ما هى ذكرياتك عن فترة التدريس بصنعاء ؟

– كان سفري الى صنعاء عام1991، بعد انتهاء حرب الكويت مباشرة. جئت الى تلك المدينة الجميلة مهموماً بالعراق، الذي كان في بداية انحداره الى هاوية لم يعد منها حتى اليوم كما يبدو.  ولا يمكنني، هنا، أن أتذكر صنعاء إلا بفورة من الحنين ، والنشوة البعيدة. ولا أنسى ما غمرتني به هذه المدينة المثيرة للوجدان  من محبة وهدوء وتماسك .  ويظل ذلك الزمن الصنعاني العذب  أجمل ما تدخره الذاكرة. كان زمناً حافلاً بالبساطة الحميمة، والمحبة، والكرم الأصيل. ويقف في الطليعة من هذه القيم كلها المبدع والمفكر اليمنيّ الكبير عبد العزيز المقالح. كان نموذجاً للمفكر والمثقف حين يتقلد منصباً عاماً فيضفي عليه لكثير من سجاياه الشخصية  ورفعة روحه وأصالته. ودون مبالغة ،كان الدكتور المقالح النقيض المطلق لبعض المثقفين العرب حين يستلم وظيفة رفيعة فينزل بها ومعها الى الحضيض.

وماذا عن  فترة الحصول على الدكتوراه من انجلترا ؟

أما ما أحمله من ذكريات عن مدينة أكستر البريطانية ، التي أكملت فيها دراستي العليا ، فهو ما يزال ندياً وذا لذعة خاصة. وكأنّ انتقالي اليها  انتقالة في زمان ومكان أسطوريين ، فهي عاصمة مقاطعة ديفون، حيث ما تزال تتردد في أرجائها أنفاس جارلس ديكنز، جين أوستن، أجاثا كريستي، تيد هيوز، وسي دي لويس.. مدينة تشكلتْ فيها  علاقتي الأولى بالمكان البريطاني من عادات وثقافة وإبداع وتجربة أكاديمية. ومنحتني ،على المستوى الإنساتي، الكثير من الرفاه الروحيّ والتفاعل مع طباع الآخر الغريب .

 ولي عن هذا المكان الجميل من الذكريات ما يجعلني دائم الالتفات اليه . وربما كانت  قصيدتاي: “أكستر” و” عاشقان” أكثر قصائدي ارتباطاً، روحياً ووجدانياً، بذلك المكان .

*ماذا تمثل لك لحظة الكتابة الشعرية؟ وهل تكتب بسهولة أم تأخذ وقتك في الكتابة ؟

–  تمثل لي هذه اللحظة  مزيجاً مدهشاً من المشقة والبهجة، كما أنها تجربة لا تكون نتائجها مضمونة دائماً.  وتتكاد تكون بداية القصيدة أصعب مفاصلها ، وربما لا يرتقي اليها ، في الصعوبة، إلا خاتمتها التي قد تفضي الى الرضا الجماليّ والنفسيّ والوجدانيّ وقد تفشل في ذلك . ويمكنني القول إن  انتهاء القصيدة ، كان وما يزال، فرحي  الخاص الذي قد يفوق أفراح القلب جميعاً .

وقصائدي لا تتشابه ، في ظروف كتابتها دائماً، فقد يكون لكل قصيدة شخصيتها الخاصة، وزمنها الخاص الذي تستغرقه. بعضها يأخذ وقتاً طويلاً بينما قد تكتمل قصيدة أخرى في يوم واحد أوبضعة أيام.، وربما بقيت بداية إحدى القصائد تنتظر شهوراً، قبل أن تستيقظ  الرغبة في إكمالها وإكسابها شكلها النهائي.

* كان لك كتاب بعنوان : “دماء القصيدة الحديثة”. ما الذي أردت قوله من خلال هذا الكتاب ذي العنوان اللافت؟

– كان الكتاب مجموعة من المقالات النقدية التطبيقية ، أماعنوانه فهو مستمد من مرحلة تاريخية محتدمة في العراق . كان الدم  والغياب وضجيج الحرب مهيمناً على المشهد الحياتي كله. وقد ساهمت القصيدة العراقية بشتى توجهاتها في التعبير، الى هذا الحد أوذاك، عن تلك المرحلة.. وربما بدت القصيدة ذاتها ، عند هذا الشاعر أوذاك، أحدى تلك الضحايا ، حين يتنازل الشاعر أحياناً، عن شروط قصيدته، بدافع  يقع خارج حسابات الجمال الشعري تماماً. أما القصائد التي أخضعتها للتحليل فكانت، فيما أرى، أكثر توازناً في مهمتها الصعبة: مطلبها الجماليّ وانحيازها القاسي الى وطن يذهب الى جحيم الحرب وحيداً .

*لك كتاب أيضاً صدر سنة 2001 بعنوان”أفق التحولات في الشعر العربي” .كيف ترصد أهـم التحولات التي حدثت للشعر العربي بعد فترة تأليف هذا الكتاب؟ وكيف ترى التحاور والتجاور بين الأشكال الشعرية المختلفة حالياً؟

– يضم هذا هذا الكتاب واحدة من دراساتي النقدية المبكرة نسبياً ، التي قدمت خلاصتها في أحد المؤتمرات أوالملتقيات الشعرية. ومنذ تلك الفترة وحتى اللحظة الراهنة، ما يزال المشهد الشعريّ يمور بالكثير من عناصر التفاعل أوالانفعال. بل ربما وصلت العلاقة بين مكونات هذا المشهد حد الصدام أحياناً .

ولذلك فإنني أرى في ما يحدث من تمـاس خشن  بين الأشكال الشعرية ضجيجاً يقع خارج القصيدة ، ولا يخـدم، في أحيـان كثيرة، مـا تحتـاجـه بيئة الكتـابة الشعرية من نقـاء، وأريحيـة، واحتفـاء كريـم بالجمال.

*هل عانيت حساسية من جمعك بين الإبداع والنقد؟

– إنها معادلة صعبة حقاً أن تجمع بين ملكتين متناقضتين: الإبداع خلقٌ من الشتات والوجود المتشظي، أما النقد فهو ذهابٌ في الاتجاه المضاد. لأنه يفكّك ويجزّيء الأبنية ، ويعيد تركيبها بحثاً عن منطقها الداخليّ الخفيّ ، الذي يقف وراء هذا النظام اللافت والباعث على البهجة.

وهاتان الملكتان مقلقتان للمبدع الذي اختار، أواضطر،  الى الجمع بينهما. وثمة خطورة ممكنة ، حين تميل الكفة لصالح واحدة دون أخرى الى درجة يتخلخل فيها التوازن الجماليّ والمعرفيّ بينهما  لينتهي الأمرالى نتيجة من اثنتين: نقد يتحول الى غزل مجانيّ بالنصوص أوشعر تجفّ فيه عروق الجمال .

وكيف يستطيع المبدع الناقد تحقيق هذه المعادلة الصعبة ؟ 

–        طالما سُـئلتُ، وربما تساءلتُ، عن هذه المشلكة المزدوجة فنياً ومعرفياً. وطالما أرقتني قضية  الخروج منها معافىً شاعراً وناقداً على حد سواء. وكثيراً ما كررتُ القول إنني كنت أتعظ ، منذ خطواتي الأولى، بالمصير الذي آل اليه بعض نقادنا العرب أوالعراقيين، وهم نوعان: الذين قذفت بهم هذه التجربة  الصعبة خارج الشعر تماماً ، ولم يعد ماضيهم الشعريّ يبعث فيهم إلا الحنين الى الوهم القديم ذاك ، أوالذين أصروا على مواصلة الكتابة الشعرية دون سندٍ من خيالٍ أوإحساسٍ مرهفٍ باللغة.

*في ظل هجرة العديد من الشعراء للشعر إلى الرواية،وامتناع بعض المجلات الثقافية عن نشر الشعر،  وتسليط كل الأضواء على الرواية.هل ترى أن الشعر يمر بأزمة؟

–  لا أرى في هذه  الهجرة إضعافاً للشعر. ولا دليلاً على أزمته . يظلّ الشعر ابن الوجدان و  الشهادة الجمالية الثاقبة على ما يجري في الراهن الحياتي الذي يعيشه الشاعر ويتشرّبه كل يوم.. وهو سيد اللغة وحارسها والبرهان على عبقريتها وقدرتها على التجدد والابتكار . وليس بينه وبين الرواية أسباب للخصومة أوالشقاق، بل قد يكون العكس هو الأصح، أي أن الشعر عامل إخصاب للرواية وتأجيجٌ لمناخاتها السحرية. وبدون الشعر قد يظل الكثير من الروايات مجرد حكايات لا بهجة فيها ولا إثارة.

*كيف ترى طوفان الكتابات الذي نتج عن النشر الإلكتروني الذي لا يحده سقف؟

– لا أعتقد أن للنشر الإلكتروني، ما لقنوات الإبداع المألوفة من جمال أوقدرة على الإثارة ، أوإرضاء للذات االمبدعة والمتلقية على السواء. وقد يكون النشر الإلكتروني مجالاً يتجلى فيه الذكاء، وإعمال الذهن، والصنعة المهلكة للخيال الإنساني الطلق ، وله أيضاً بهجته التي قد لا تعمر طويلاً.

*بماذا تشعر وأنت في مصر؟ وما انطباعك عن التغيرات التي حدثت في مصر عبر زياراتك المختلفة لها؟

– لمصر مكانة خاصة في نفسي وفي تجربتي الشعرية، قد يحتاج الحديث عنها وقتاً أطول  وحيزاً أوسع . بدأت من القاهرة ومن بيروت أولى خطواتي في الانتشار عربياً، مجلة “الأديب” اللبنانية ومجلة “الشعر” المصرية  وأنا لم أزل على مقاعد الدراسة المتوسطة.

 وقد جاءني بعد ذلك من مبدعيها ونقادها أول اعتراف نقديّ أعتز به . كان ذلك في عام 1973 ، في زيارتي الأولى للقاهرة. وكانت مجموعتي الشعرية الأولى : ” لا شيء يحدث .. لا أحد يجيء” قد صدرت تواً في بيروت، حيث قُـدم عنها أكثر من برنامج إذاعيّ خلال تلك الزيارة. ومنذ ذلك الوقت، وأنا حاضرٌ ، في الشعر والنقد معاً، في معظم الملتقيات الشعرية ومؤتمرات النقد. التي تقام في القاهرة.

 وعلى مستوى النشر ، وإضافة الى مجلات ” الشعر” و” فصول” و “إبداع “،  أصدر لي المجلس الأعلى للثقافة، مخدتارات شعرية، في عام2006، ثم أصدر لي ، عام ،2013 ، الأعمال الشعرية الكاملة في مجلدين. أما هيئة قصور الثقافة فقد أصدرت لي مجموعة: ممالك ضائعة”  1999، ثم صدر لي عن الهيئة أيضاً، في عام 2014  “عشبة الوهـم “وهي قصائد مختارة.

______________________________________________

مجلة الشارقة الثقافية، العدد51، كانون الثاني، 2021