ممالك ضائعة 1999 – 2004 

مختارات

  • ديــكُ الجـــــنِّ
  • صيّـاد
  • طبقـات الشعـراء
  • مـرثيـة المــلاك
  • ســيدة المـاء
  • عـــودةُ كلكــامـش
  • حـراثـة
  • هـل أساءَ لـك الشجر؟
  • بكــائية
  • رمـادُ الأنـاشيـد
  • النهــر

 

 

ديــكُ الجـــــنِّ 

هذا رمادُ امرأةٍ
أم كأسْ ؟
هذا هوىً يجتاحُني
كالحُلْمِ أم كاليأسْ ؟
وأينَ تمُضي الشَجَرةْ
عزلتَها المنتظرةْ ؟
في الندمِ الوارفِ
مثلَ غيمةٍ
أم في انتظارِ الفأسْ ؟
 
 
 
صيّـاد

كانَ يترنّـحُ
تحتَ سماءٍ حدبـاءَ 
وذاكرةٍ يُشقَّقُها الرعدُ وأنينُ الأمّهاتْ
تاركاً قدميِهِ
الدائِخَتَيْنِ لرائحةِ الغيــمِ
ونسيمِ الأعشـاشْ ..
صيّادٌ
مهجورٌ ،
تضيءُ قدماهُ المُوحِشتانِ
أدغالَ الماضي ..
نازِعَاً عن كنانتِهِ
سهامَها الباكيةِ ،
وعن أسْمالِهِ
صُراخَ طرائِدِهِ الأخيرةْ ..
من يفـرّقُ
بينَ ذاكـرتي
وأحجارِ الرّعـدِ ؟
من يفرّقُ
بينَ عظامي ورنينِ
الوحشـةْ ؟
من يفـرّقُ بيني
وبيني ؟
 
 
 
طبقـات الشعـراء

شاعرٌ ماتَ :
اشتعلنا؛ فنسيمُ الصّبح رملٌ  
والسماواتُ حصىً 
يشتعلُ ..
شاعرٌ هاجرَ أوغـابَ :
العصافيرُ رمادٌ بينَ كفّيهِ 
وحُلْمٌ مهملُ ..
شاعرٌينبحُ 
 في مزرعةِ السلطانِ:
قلبٌ أسودُ النبضِ
وأذْنٌ صاغيةْ ..
شاعرٌ يغسِلُهُ الحلْـمُ ..
يغنّي : أنحني للعُشبِ 
        لا للطـاغيـةْ ..
 
 
 
 
مـرثيـة المــلاك

الى محسن إطيمش
 
تُرى هنا استقرَّ،
في عظامِنا النائحةِ الغبراءِ 
أم هنـاكْ .. ؟
هل عـادَ للفراتِ؟
أيُّ وردةٍ تفوحُ من غبارِهِ ؟
وأيُّ نجمٍ ضائعٍ يَعْلقُ
 بالشِّبـاكْ ؟
إمـرأةٌ
تغتسلُ الليلةَ من حنينِهِ 
تفـرُّ من غنائِهِ الموحشِ .. 
هل في الماءِ غيرُ نجمةٍ ميِّتَـةٍ ؟
هل في المَدى منكسراًغيرُ دمِ الملاكْ ؟
 قيلَ مضى
 يبحثُ عن غزالـةٍ غائمةٍ كالوهـم..
 بل عن قمـرٍمُطاردٍ ..
 بل باحثاً في دَمِـهِ عن جمرَةِ 
 الهـلاكْ ..
 
 
ســيدة المـاء

أينَ مضتْ سيّدةُ الماءِ
هل أوغلت حتى أقاصي الحُلْمِ ؟
هل أبْدَلتْ منفىًبمنفىً؟ أيُّ قيثارةٍ 
سوداءَ مثلَ الوهمِ تجتاحني
تَكْسرُ أيّامي ؟ دمي غائـمٌ
نائحةٌ ضجَّةُ أشلائي ..
الريحُ لا تقـرأُ غيرَ الأسى
في حَجرِ الذكْرى :
صدىً موحـشٌ
يفوحُ من رملي ومن مائي ..
 ماذا يرى المجنونُ :
غيمَ الضُحى مشرّداً ؟
أم وجهَ ليلى التي
تفوحُ في الليلِ كقيثارةٍ
أم جُنَّ من حيرتهِ الـرائي ؟
يا ريـحُ
يا أجملَ قـرّائي ..
 
 
عـــودةُ كلكــامـش 

 هكـذا
عدتَ وحدكَ :
لا مركباتُ الغنائمِ، لا مطرُ العازفينَ..
فأينَ خيولُ الفجيعةِ أو عشبةُ الوهـمِ ؟
أين هي العربةْ ؟
 
هل حملتَ إلينا الندى 
أم نشيداً من القشِّ، والجثَثِ المتربةْ ؟
هل حملتَالبيارقَ، أم أنهراً
خَـرِبـَةْ ؟
 
أم رماداًيعكّرُ ذاكرةَ العشبِ 
يفضحُ عُريّ
اليـدينْ ؟
 
لو رجعتَ ببعض الحصى 
لو رجعتَ ببعضِ الندى
لو رجعتَ :
بخُفّيْ حُـنَينْ ..! 
 
 
حـراثـة

ساهـراً
عندَ زمرّدِ الميـاهِ
يتأمّلُ طيورَ الغدرانِ المرِحـةْ
وهي تحكُّ أجنحتَها بحجارةِ النـومْ ..
كانَ يربتُ على محراثهِ الملتهبِ
 مازجاً رائحةَ الفجرِ بأنينِ
الترابِ الساطعْ ..
مندفعاً بجمرتهِ الصقيلةِ الملتاعةِ
 فيذلك الجرحِ المرتجفِ
 كقلبٍ أنهكَهُ الترقُّب ..
في ذلك الكهفِ المُترعِ بظلمتهِ
الضيّقةِ الدافئةْ ثمّة فلاّحٌ
 ثملاً يمسحُ عن محراثهِ المتثائبِ
أبّهة النُعاسِ ..
ويُعطّرُ ذاكرتَهُ
برائحةِ الكمأةِ الحارّةْ ..
 
 
هـل أساءَ لـك الشجر؟

أنتَ أوغلتَ في الرمادْ
أم توغّلـتَ في
الشررْ ؟ 
قلتَ للموتِ : لا تذرْ
عشبةً، واقمعِ المطرْ
والعصافيرَ 
والعبادْ ..
هل أساءَ لكَ الشجر ؟
هل أساءتْ لكَ
البلادْ ؟
 
 
 
بكــائية

الى نجـلاء
كُسِرَ الليـلُ
أمْ كُسِرْتُ ؟  شظايايَ
أنـينٌ، ووحشةُ القلبِ ريحُ ..
شجرُ الأفْـقِ ميّتٌ ..
هل ثيابي تتغنّى مذعورةً 
أم تنـوحُ ؟
كلُّ عشبٍ لنعشِها يفرشُ الهدبَ
طريّاً .. وكلُّ رمـلٍ
 جريـحُ ..
أيُّ ضوءٍ يلتاعُ بين يديها :
كيفَ نبني سريرَها،
يا ضريحُ .. ؟
 
 
رمـادُ الأنـاشيـد

فاطمةْ
وردةٌ في رمادِ المغنّي 
وشمسُ قصائدِهِ الغائمةْ
جسدٌ ضائعٌ في رمادِ الأناشيدِ
مشتعلٌ بينَ أعشابِهَا ..
جسدي صائمٌ
عن شراستِهِ، أم قبائلُ
في جسدي صائمةْ ؟
منذُ عشرينَ قرْناً أطاردُها
أخضرَ القلْبِ مشتعلَ الشفتينْ . .
أتناثَرُ في الرّيحِ،
لا شيءَ في الرّيحِ غيرُ الصدى 
وبكاءِ اليدينْ ..
هل يجيءُ بها الوهمُ من آخرِ الوهمِ ؟
تأتي بها الرّيحُ من آخرِ الرّيحِ ثانيةً ؟
ذا دُخانُ القصائدِ يخضرُّ
والشعراءُ يعودونَ من شعرهِم مُطفئينْ
خمرةٌ أم حنينْ ؟
ذا رمادُ الأغاني،  وذاكَ
اشتعالُ بساتينِها العارمةْ 
فمتى ستطلُّ على يأسِهم فاطمةْ ؟
يبدأُ الحُلْمُ ثانيةً بالضَجيجِ :
القصائدُ أتْرِبةٌ
وقطيعٌ يئنُّ من اليأسِ..
أينَ أناشيدُنا ؟
فِضَّةٌ فظَّةٌ، وعصافيرُ من حجرٍ..
يبدأُ الحُلْمُ ثانيةً : شعراءُ نظيفونَ
كالعُشْبِ  يندفِعُونَ مع الليلِ :
– ها نحنُ عُشّاقُكِ اليائسونْ
فلتطلّي على يأسِنا
حرِّكِي رَمْلَ أجْرَاسِنا 
نحنُ عشَّاقُكِ اليائسونْ
أيقظي ضوءَ نيرانِنَا  الغائمةْ ..
وتَنْحَلُّ ..
تَنْحَلُّ ..
تَنْحّلُّ ..
في الرِّيـحِ ثانيـةً
ف
ا
طِ
مَ
ةْ
 
 
 
النهــر 

لمْ يبقَ من مائِه إلا الحصى 
 وعلى ثيابِهِ نجمةُ الباكينَ 
 تشعلُ في نُعاسِهِ
 جمرَها القاسي, تحرِّضُهُ
على الرَّحيلِ، ينادِيها
 فتبتعـدُ ..
 
هل جاءَ من ظلمةٍ بيضاءَ ؟
هل حملتْ إليِهِ ريحُ الضحى
يوماً  مباهجَها ؟
وأينَ يمضي وذي أشْلاؤُهُ :
بَ
دَ
دُ  ..
 
يشمُّ نارَ المراثي لا قصائدُهُ تغيثهُ 
لا يرى كابوسَهُ أحَـدُ ..
 
يقتادُه الرملُ والذكْرى
وليسَ لهُ إلا الحصى
جَسَـدُ ..
 
ما للندامى 
مضَوا كالغيــمِ ..
وابتعـدُوا … ؟